الذاكرة و اكتسابها و مهارات المذاكرة

الفصل الأول

الذاكرة
وهب الله سبحانه و تعالى لكل واحد منا في دماغه شيئا يسمى ذاكرة، و التي لها دور خطير و مهم في حياته.
استنبط بعض العلماء هذا من قوله تعالى(و لو نشاء لمسخناهم فما استطاعوا مضيا و لا يرجعون ) يس 67
كيف ترجع إلى بيتك ؟ إنك تعرف مكانه، وكيف عرفت مكانه؟ إن مكانه قد أودع في ذاكرتك و التاجر في متجره كيف يأخذ من هذا المكان هذه القطعة و من هذا المكان هذه القطعة لان هذه القطع كلها مودعة في ذاكرته.
و أنت في بيتك تعرف مكان كل حاجة من حاجاتك، أين أودعت هذه الأمور؟
وأنت في مدرستك حينما تقرأ بعض الكتب، و تؤدي امتحانا، كيف تؤدي هذا الامتحان؟ إن هذه المعلومات قد أودعت في الذاكرة.
قال تعالى(و في أنفسكم أفلا تبصرون) الذاريات 21
إن إنسانا من دون ذاكرة مخلوق لا وجود له و يستحيل عليه التعلم والتعليم و التذكر.
إن المقالات العلمية الكثيرة و التي تبحث في الذاكرة – وجودها، قوتها، ضعفها، تدريبها، تمرينها- تقول أن الإنسان إذا عاش ستين عاما، فهناك من الصور التي تختزنها ذاكرته ما يزيد عن الستين مليار معلومة فلو أردنا أن ننسخ هذه المعلومات في كتب لاحتاجت إلى آلاف المجلدات، كلها كتب تختزن المعلومات التي لا يستطيع العلماء حتى الآن معرفة مكانها في الدماغ.
وهناك نظريات جديدة تفترض و تقدر أن الذاكرة ليس لها مكان في الدماغ فقط، بل هي مرتبطة بالحيات النفسية لكل شخص، و هناك من يقول كذلك بأن هناك بعض الخلايا الذكية في جسم الإنسان و ليس الذكاء مقتصر بالدماغ فقط.
إن المعلومات التي تأتي إلى الإنسان بعضها يخزن في مكان قريب، ليسهل استرجاعه، والبعض يخزن في مكان بعيد، و بعضها لا يخزن إطلاقا، فإذا خزنت فإنها تتوزع بحسب نوعها، وقيمتها، و أهميتها.
قال العلماء الذاكرة قاموس و مترجم فوري، و الشيء الذي يدهش أن الخلية العصبية في المخ لا تنقسم، ولا تموت، فلو أنها انقسمت أو ماتت لفقد الإنسان خبراته كلها.
يقول الإنسان أنا خبرتي في الطب أربعون سنة، وأنا خبرتي في القانون خمسون عاما، وهذا خبرته في الفلاحة وهذا خبرته في التجارة، وهذا خبرته في الصناعة كذا وكذا من السنوات، كل هذه الخبرات تتراكم حتى تنمو و تنمو ذاكرة الإنسان و تزيد خبراته. لو فقد ذاكرته لفقد كل خبراته دفعة واحدة.
إن الذاكرة وحدها آية كبرى و عظيمة من آيات الله الدالة على عظمته.

للأستاذ سليمان بن محمد موسلمال بعنوان الذاكرة و اكتسابها و مهارات المذاكرة